ترحيب

أهلا" بزوار مدونتي

الجمعة، 24 ديسمبر 2010

الوعي المعلوماتي متطلب تواجد بالألفية الثالثة

إعداد :د.عزة فاروق جوهري
أستاذ مساعد كلية الآداب والعلوم الإنسانية ، قسم علم المعلومات
الوعي المعلوماتي: Information Literacy
هو المعرفة والإحاطة بأهمية المعلومات واستغلالها وإمكانية التعامل معها في الوقت المناسب وبالقدر المناسب لحل المشكلات المعلوماتية وتلبية الحاجات البحثية بقدرات ذاتية تتناسب مع المتطلبات العصرية للوصول إلى مرحلة النضج المعلوماتي.
التحديات التي تواجه الجامعات وضرورة الوعي المعلوماتي :
إن الجامعات في عالمنا العربي تواجه مجموعة كبيرة من التحديات ، والتي تفرض عليها أن تغير من طبيعتها وأسلوب عملها التقليدي سواء من ناحية التعليم أو الأساليب والتقنيات أو طرق التقويم أو التعامل مع مجتمع الدارسين وتزويده بالمهارات العلمية المدربة للقيام بمهمة التقدم والازدهار للمجتمعات . ولعل من أبرز هذه التحديات ما يلي1)الانفجار المعرفي وثورة التكنولوجيا وظهور مجتمع المعلومات بسماته يفرض ضرورة التسلح بمهارات الوعي المعلوماتي للتفاعل معه.
2)أدت تكنولوجيا المعلومات إلى تغير طبيعة الحياة وشكل المؤسسات، ومنها مؤسسات التعليم العالي على نحو جذري فكان لابد من الوعي للتواصل معها واستثمار إمكاناتها.
3) العولمة ، والتي أزالت كافة الحواجز وزادت من العلاقات بين الدول والأمم ، تتطلب بناء مجتمع معلوماتي بمهارات معلوماتية يسير جنبا إلى جنب مع متطلبات الاندماج في هذا العصر المعلوماتي والرقمي ويضمن البقاء فيه.
4) الأعداد الهائلة من الطلاب التي تتدفق على الجامعات ومؤسسات التعليم العالي طلبا للعلم أو الشهادة أو المكانة الاجتماعية أو غير ذلك ، وبدرجة تفوق قدرة الجامعات على الاستيعاب ، مما جعلها تتحول إلى مصانع لإصدار الشهادات وتخريج أنصاف المتعلمين ، في عصر يقوم الآن على المعرفة واقتصادها ويتسم بالتنافس الشديد ، ويعد العنصر البشري أهم عناصر الثروة به . وهذا ما يدعو الجامعات لتشكيل وتأهيل هذه الثروة بآليات الوعي المعلوماتي ومهاراته لاستثمار الثروة البشرية الاستثمار الأمثل.
5) أزمة الثقة التي تعاني منها الجامعة والمؤسسة التعليمية مع المجتمعات بإفراز مخرجات لا تتواءم مع متطلبات المجتمع المعلوماتي وبالتالي ركودا وبطالة في الخريجين انعكاسا لمشكلات عدة في الدور الأكاديمي والتي منها :
(أ ) نقص الإعداد التطبيقي للطالب ، واعتماد التكوين النظري أساساً للمناهج .
(ب) اعتماد أساليب التلقين والتدريب التقليدي ، والبعد عن عملية التعلم الذاتي.
(ج) غياب قدرات عضو هيئة التدريس عن إيصال معلوماته بالطريقة المناسبة واللغة المناسبة أحياناً.
(د) عدم تطابق مخرجات التعليم العالي مع سوق العمل ، وعدم المواءمة بينهما .
(ﻫ) اقتصار البحث العلمي في الجامعات على تحقيق أهداف آنية .
(و) اكتظاظ القاعات الدراسية بأعداد الطلاب بقدر أكبر من قدرة تلك الجامعات على التعامل معها .
(ز) محدودية استخدام تكنولوجيا التعليم حتى وإن توفرت بصورة يومية ومستمرة .
(ح) عدم ملائمة مدخلات التعليم الجامعي (الثانوية العامة ) من ناحية طرق التعلم والتفكير والتحليل النقدي. وجميعها مشكلات قد تجد طريقها للحل باكتساب مهارات الوعي المعلوماتي وإكسابه للدارسين في مراحلهم المختلفة بل والأكاديميين أيضاً .
6) الإنترنت وتشوه اللغات والمثوى الأخير لها .
7) تنامي ظاهرة العدوان على البيئة المعلوماتية واختراقها .
دور الجامعات في تنمية الوعي المعلوماتي:
تعد المعلومات منتجاً عالي القيمة ، ليس فقط للأسباب الاقتصادية ، ولكن أيضا لأنها تحقق جودة الحياة الاجتماعية والثقافية والسياسية التي بدورها تحقق رفاهية المجتمعات ، ولا يتوقع أن تتنافس دولة ما في الاقتصاد العالمي الجديد والذي تصبح فيه المعلومات منتجاً هاماً ، بدون قوة عاملة ماهرة ، تتمتع بمهارات وكفاءات عالية من الوعي المعلوماتي ، حيث يقع على الجامعات هنا عبء إفراز مخرجات بشرية ، يمكن أن نسمهم بأغنياء المعلومات لا فقراء ها . حيث ترتبط ظاهرة فقر المعلومات بظاهرة وفرة المعلومات في نسيج له أساس اقتصادي . ولعلاج هذه الظاهرة يرى البعض ضرورة توافر رصيد من المعلومات يمكن توزيعه على الجميع ، أو أن يتعلم الأفراد مهارات البحث عن المعلومات التي يحتاجونها حتى يكون لديهم القدرة على الوصول للمعلومات بأنفسهم . فإعداد مخرجات تعليمية بأشخاص بإمكانهم الوصول إلى المعرفة ولديهم مهارات معالجة المعلومات ، هو مكون ضروري للحياة التعليمية والتنظيمية والاجتماعية الآن ، وهذا يتطلب مستوى عالياً من التعليم الأولي ويتطلب أيضاً عملية تعليم مستمرة ومتجددة – تعلم مدى الحياة Lifelong Learning - بغرس مهارات هذا التعلم في الخريجين ، كما أن إيجاد الوظائف والاحتفاظ بها سيعتمد على الوصول إلى مستوى تعليمي ومهاري مرتفع باكتساب مهارات تنميته مدى الحياة .
وهذا التعلم المنشود_ التعلم مدى الحياة _ وإكساب الأفراد مهارات الوعي المعلوماتي هو ما ينبغي أن تصمم على أساسه الأهداف والبيئات التعليمية ، يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار ضرورة إكساب مهارات جديدة للطلاب ، أهمها مهارات تجميع المعلومات وتنظيمها وتحليلها وتلخيصها وتخزينها بطريقة تسمح باسترجاعها بسهولة وقت الحاجة واستخلاص النتائج منها ، وبناء معارف جديدة بالاعتماد عليها .فليس المهم هو نقل المعرفة بل الأهم هو إثارة الفضول العلمي وزرع موهبة الاكتشاف والإبداع .إن عصر الألفية الثالثة لا يرحم ، وإذا كانت التجربة هي محك الاكتشاف والمعرفة في عصر جابر بن حيان ، فإنها في عصرنا الراهن _ عصر الألفية الثالثة _ لا تكفي بل ينبغي إطلاق العنان للخيال إلى جانب التجربة ، والاستعانة بالتكنولوجيا إلى جانب العقل .
وفي إطار مسايرة جامعة الملك عبد العزيز لهذه التوجهات الحديثة فقد تم طرح مقرر دراسي في المستوي الأول الجامعي ضمن متطلبات الجامعة يضم بين مفرداته ثلاثة محاور رئيسة توفر تعلم مهارات الوعي المعلوماتي ومهارات البحث العلمي ، فضلا عن تعلم أنماط التفكير ومستوياته وغرس مهاراته وأساليبه لإعداد جيل واعياً معلوماتياً يسير في طريقه نحو التفكير الفعال وصولاً للإبداع في بيئة تعليمية مثلى.
دور المكتبات في تنمية الوعي المعلوماتي :
لقد أصدرت منظمة اليونسكو عام 1994م بالتعاون مع الاتحاد الدولي لجمعيات المكتبات ومؤسساتها IFLA ، بيان رسمي للمكتبة والذي يتعهد بأن المكتبات يجب ألا تدعم التعليم النظامي فحسب بل التعليم الذاتي أيضاً للأفراد على اختلاف مستوياتهم . وهذه الرسالة تتعلق بتعليم وتنمية مهارة الوعي المعلوماتي كسبيل لتطوير الأفراد والمجتمع ، وذلك لأن هناك تطورات تقنية حديثة تجتاح المجتمع بالإضافة إلى التراكم المعرفي نتيجة لضخامة كم ما ينشر من المصادر المعلوماتية ، فضلا عن نمو التخصصات العلمية وتطور النشاط العلمي وأنماطه . كل ذلك من شأنه أن يجعل تعليم الوعي المعلوماتي عملية مستمرة وإلا سيجد الباحثون والفنيون والعاملون في أي مجال تخصصي ومهني أنفسهم وقد تخلفوا عن مستوى التقدم العلمي ، ولن يكون هناك تطوير للبحث العلمي إلا إذا كان هناك وعي معلوماتي عن طريق تحديد الحاجة إلى المعلومات والبحث عنها في المصادر المختلفة ، ثم تحليلها وتقييمها واستخدامها بكفاية في التعليم والبحث والتطوير العلمي و الاقتصادي والثقافي ، ومن هنا برزت مسئولية المكتبات بكافة أنواعها كمؤسسات تعليمية للوعي المعلوماتي وتنمية مهاراته . وفي إطار الاهتمام بتنمية ودعم الوعي
المعلوماتي بجامعة الملك عبد العزيز ودور المكتبة في هذه القضية وجد أنه ، تطرح المكتبة المركزية بشطر الطالبات برنامجاً إرشادياً مع بداية كل فصل دراسي ، يعرف بالمكتبة ومصادرها وإمكاناتها وخدماتها وكيفية الاستفادة من مصادرها ويوجه هذا البرنامج لكل منسوبي الجامعة مع التركيز نظاميا وفق جدول محدد زمنياً على الطالبات الجدد في المستوى الأول مع التدوير لكل الكليات وأقسامها. فضلا عن ما يصدر عن المكتبة من كتيبات إرشادية تعرف بالمكتبة وخدماتها .
معوقات تحقيق أهداف الوعي المعلوماتي :
هناك العديد من المعوقات التي تحول دون تحقيق أهداف الوعي المعلوماتي ، كما ينبغي ، ومن هذه المعوقات ما يلي
1) تولد فيضان أو تدفق مستمر من المعلومات .
2) تكلفة التجهيزات الآلية للمعلومات .
3) تكلفة الوصول إلى المعلومات .
4) عدم وضوح الرؤية أمام الأفراد لما يسمى بثورة المعلومات ومتطلب الوعي المعلوماتي .
5) قصور دور وسائل الإعلام الجماهيري بالنسبة لتقديمها لهذه الثورة المعلوماتية .
6) عدم التمويل والدعم الكافي لمحور الوعي المعلوماتي في أي من المؤسسات التي يمكنها القيام به ، في ضوء قصور الفهم لدوره في بناء الفرد ، فالمعلومات حالة ذهنية ، ومن ثم فإنها المورد الذي بدونه لا يمكن للإنسان استثمار أي مورد آخر ، حيث يمكن لمن يتحكم في تدفق المعلومات أن يحكم سيطرته على جميع مقدرات المجتمع .


المصدر : http://kauartinfo.blogspot.com/2009/04/blog-post.html

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق