ترحيب

أهلا" بزوار مدونتي

الجمعة، 24 ديسمبر 2010

«ويب 2.0».. نحو شبكة إنترنت أقل قيوداً وأكثر إنسانية

اعداد / علاء الدين شاموق
     خلال سنوات التسعينات راجت صناعة مواقع الانترنت التي تقوم على تزويد مستخدميها بما يبحثون عنه من محتويات عبر شبكة بث مكونة من مواقع انترنت «مرسلة» وعدد كبير من الملايين من متصفحات الانترنت حول العالم «تستقبل» هذا البث. وبعد ذلك، وبالتدريج، استطاع مطورو الانترنت أن يستخدموا متصفحات الانترنت لإرسال واستقبال البيانات في نفس الوقت، بدلاً عن دورها الأصلي كمستقبل أعمى للبيانات، بدايةً بتطبيقات البريد الالكتروني، الدردشة، ومنتديات الحوار، وانتهاءً بالتطبيقات الإلكترونية الأكثر حداثة وثوريةً مثل موسوعة الويكيبيديا، وشبكات يوتيوب، وفيسبوك. وقد كانت هذه القفزة في تغيير طريقة التعامل مع متصفحات الانترنت هي البداية الحقيقية لما يعرف بتطبيقات الويب 2.0.
تطبيقات الويب 2.0
 غني عن القول أن الويب 2.0 لم يظهر هكذا من الفراغ، ولم ينبثق من العدم، ولكنه ظهر بالتدريج خلال العشر سنوات الماضية، أما أول تحديد دقيق له فقد كان في عام 2004، حيث عقدت مجموعة من مطوري الويب والمهتمين بصناعة البرمجيات بمبادرة من تيم أوريللي صاحب مؤسسة «أوريلّي ميديا»، مؤتمراً لوضع الأسس والتعريفات الأولية لهذه التقنية.
خرج المؤتمر بعدد من التوصيات والمقترحات حول «ماهية المبادئ الأساسية لتطبيقات الويب 2.0»، ومن جملة النتائج التي توصل إليها المؤتمر: أن يقوم التطبيق بالتعامل مع الانترنت كـ «منصة» فقط لا غير، وأن يتعامل مع المستخدم كمطور لا كمستخدم، أن تكون البيانات - فقط البيانات ولا شيء غير البيانات - هي القوة الدافعة للتطبيق؛ شكل التطبيق، سمعته، وملامحه الرئيسية يتم تحديدها بواسطة المشاركين، أن لا يكون للتطبيق إصدار محدد وذلك يعني أن يكون التطبيق مفتوحاً للتطوير إلى الأبد، أن يكون التطبيق مكوناً من عدد من التطبيقات الأصغر «Lightweight Modules»، وأن يقوم بتطويره عدد من المشاركين المستقلين من أماكن وخلفيات متنوعة.
قام أوريلي بوضع هيكل لتطبيقات الويب 2.0 مكوناً من أربعة مستويات، بدءًا من المستوى الثالث وحتى المستوى صفر، ففي المستوى الثالث يكون التطبيق معتمداً بصورة كلية على الانترنت، ولا يمكنه العمل من دونها، ويعتمد بصورة كلية على وجود المشاركين ومن دونهم يتوقف التطبيق عن العمل، مثل موقع «eBay». والمستوى الثاني من هيكلية الويب 2.0 هو مستوى التطبيقات التي تعمل على الانترنت ولكنها تستطيع الاستفادة من مميزات العمل خارج الشبكة، مثل موقع «YouTube»؛ بينما تعمل تطبيقات المستوى الأول خارج الشبكة ولكنها تستطيع الاستفادة من وجود الشبكة، مثل برنامج «iTunes»؛ أما المستوى الأخير فهو المستوى صفر وفيه تعمل التطبيقات خارج الشبكة ويمكنها أن تعمل أيضاً داخل الشبكة، مثل برنامج «Google Earth».
وبصورة عامة فإن الويب 2.0 يتكون من عدد من عشرات وربما مئات التطبيقات الرئيسية التي تشكل العمود الفقري له، من هذه التطبيقات على سبيل المثال: المدونات، الـ «ويكيز»، منتديات الحوار، ملقمات «RSS».
المدونات
* المدونة «Blog» هي موقع انترنت، ترتب فيه المواضيع المكتوبة حسب التاريخ بحيث تظهر المواضيع الأحدث في الأعلى والأقدم في الأسفل، ويقوم على تحرير هذه المدونات أفراد ذوو اهتمامات مختلفة، ويمكن لأي شخص ان يصبح محرراً ويمتلك مدونته الخاصة، حيث يقوم عدد كبير من المواقع بتقديم هذه الخدمة مجاناً لمستخدمي الانترنت. وقد ظهرت المدونات في عقد التسعينات، وحسب آخر الاحصاءات التي قام بها موقع «technorati.com» المتخصص في البحث داخل المدونات، فإن عدد المدونات الموجودة في الانترنت حالياً هو 107 ملايين مدونة.
توفر المدونات خياراً لمن لا يملكون أي خيارات، فكما نعلم فإن أجهزة الإعلام الرسمية مملوكة لمؤسسات إعلامية ضخمة وثرية، وقد كان خيار النشر سابقاً قبل ظهور ما يمكننا تسميته بـ «ثورة المدونات» مقصوراً على الاشخاص المرضيّ عنهم من قبل هذه المؤسسات الإعلامية سواءً كانت حكومية أو خاصة، أو على الأقل لمن لا تسبب كتاباتهم حرجاً وتعارضاً مع مصالح هذه المؤسسات. أما اليوم، فإن المدونات قامت بتغيير هذه الخارطة، مرةً واحدةً... وإلى الأبد، وبات من حق الجميع أن يكتب، مثلما هو من حق الجميع أن يقرأ. وبغض النظر عن مدى الاتفاق مع هذه النظرية أو لا، فإن الاتفاق مع النظرية السابقة كان أصعب «النظرية السابقة تقول إن النشر يحتاج إلى إذن وموافقة».
وقد ظهرت المدونات في العالم العربي متأخرةً بعض الشيء، كما هي العادة دائماً، ولكنها استطاعت في فترة وجيزة أن تسيطر على الأجواء، وأن تسهم في تشكل الرأي العام والوعي لمجموعات كبيرة من رواد الانترنت وعابري سبيلها بل وحتى جيرانها. ولم تُخْفِ الحكومات المختلفة خوفها من هذه الثورة القادمة، وبدأت في مطاردة المدونات، والمدونين، ومواقع الانترنت المستضيفة للمدونات، وإلخ ... فكانت النتيجة أن سجلت بعض الحكومات أرقاماً قياسية في عدد المدونين الذين يتم اعتقالهم في العالم الواقعي عقاباً لهم على آراء كتبوها في عالم افتراضي، مما حدا بمنظمة العفو الدولية في العام 2006 أن تندد بشدة بهذا السلوك، محذرة دولاً عربية عدة من وخامة العواقب المترتبة على هذه الاجراءات، وأسست منظمة العفو الدولية في نفس العام «دعوة إلى المدونين» تطلب منهم فيها الدخول إلى الشبكة ورفع أصواتهم من أجل حرية التعبير على الانترنت.
الـ «ويكي»
* لم أجد أي ترجمة مناسبة لهذا المصطلح فقررت تركه على ما هو عليه، والويكي «Wiki» هو موقع انترنت قائم على مبدأ المشاركة الجماعية ويسمح لمشتركيه أن يقوموا، بصورة جماعية، بتعديل محتوياته، حذفها، أو الإضافة إليها حسبما يرى المستخدمون أنفسهم. من أشهر التطبيقات على هذا النوع، من خدمات الويب 2.0، موقع الموسوعة التشاركية «Wikipedia»، حيث تأسست هذه الموسوعة متعددة اللغات في يناير 2001 بواسطة اثنين من عباقرة مطوري تطبيقات الانترنت هما جيمي والز ولاري سانجر.
وطوال السنوات التالية لتأسيسها عمل المشاركون المتطوعون في هذه الموسوعة على زيادة محتوياتها بمتوالية هندسية مدهشة حتى بلغ عدد صفحاتها في هذا الشهر (أكتوبر 2007) حوالي 8.2 مليون صفحة مكتوبة بـ 253 لغة. وتعد الويكيبيديا الموسوعة الأولى في العالم من هذا النوع، وقد حدثت محاولات عدة لتطوير موسوعات مشابهة، نجح بعضها، وفشل البعض الآخر، ولكن لم تصل أي واحدة منها إلى المستوى الذي وصلته موسوعة الويكيبيديا الأم من حيث الجودة والتنوع والبراعة.
وليست الموسوعات هي التطبيق الوحيد لتقنية الويكي، فالويكي هو مبدأ، يعتمد على إتاحة الفرصة لأكبر عدد ممكن من المحررين للعمل على إنتاج المحتوى. ومن تطبيقات الويكي الأخرى، مشروع جامعة الويكي أو الـ «Wikiversity» وهي جامعة افتراضية تشاركية، يشترك ملايين المستخدمين في تحرير موادها الدراسية حسب قواعد أكاديمية وعلمية صارمة لضمان جودة المحتوى، وقد لاقت هذه الموسوعة نجاحاً باهراً بين الطلاب والدارسين في مختلف التخصصات، ولكن من أكبر عيوبها بالنسبة للمستخدمين في العالم العربي هو أنها لا تحتوي على نسخة عربية. وجامعة الويكي هي واحدة من عدة تطبيقات مختلفة تتبع لموقع «Wikimedia» والذي يضم داخله موقع «Wikipedia» السابق ذكره بالإضافة إلى تسعة تطبيقات ويكي أخرى غيره.
بالنسبة للمطورين فإن ثمة مواقع انترنت توفر برمجيات لصناعة الويكي، فإذا أراد صاحب موقع ان يهاجر من ويب 1.0 إلى ويب 2.0 ويحول موقعه من (واحد – متعدد) إلى (متعدد – متعدد) فإن هناك الكثير من مواقع الانترنت التي تقدم هذه الخدمة، خدمة توفير البرمجيات مفتوحة المصدر، والتي يمكن تخصيصها «Customize» لتناسب الموقع المراد نقلها إليها، وهي متوفرة بأغلب لغات البرمجة ولأغلب أنظمة التشغيل.
منتديات الحوار
* في عام 1996 قام مطور الانترنت الاميركي تيد اونيل باستخدام لغة Perl لكتابة الشفرة المصدرية لأول منتدى حوار في العالم، وقد أطلق على هذا المنتدى اسم: UBB Ultimate Bulletin Board، ورغم وجود محاولات سابقة بدأت منذ نهاية الثمانينات الميلادية من القرن المنصرم لتطوير نشرات أخبار تفاعلية، عبر الشبكات الداخلية لبعض المؤسسات الإعلامية، إلا أنها لم ترق إلى مستوى منتديات الحوار. ومنتدى الحوار «Discussion Forum» هو تطبيق انترنت مصمم لإدارة الحوار وإضافة المحتويات الخاصة بالمستخدمين، ومن أسمائه الأخرى: منتدى الانترنت، منتدى الويب، تخت الرسائل، تخت الحوار.
قد يستغرب البعض من أصحاب المواقع إذا علموا أنهم يستخدمون الويب 2.0 منذ وقت طويل، بل قبل أن يظهر هذا المصطلح إلى حيز الوجود، فملايين المواقع الحوارية على امتداد الفضاءات الرقمية هي مواقع تستخدم تقنية الويب 2.0، وتعد هذه المواقع من أشهر تطبيقات (متعدد – متعدد) على الإنترنت. وصاحب المنتدى الحواري لا يضيف ولا يحذف ولا يعدل ولا حتى هو ملزم بقراءة محتويات المنتدى بل يترك هذا الأمر للزوار والمشتركين أنفسهم مع بعض الرقابة الكيفية «Qualitative» من قبل المشرف على المنتدى والذي يكون عادة واحداً من مستخدمي المنتدى أنفسهم.
ملقمات «آر إس إس»
* ملقم «آر اس اس» «RSS Feeds» هو صفحة إنترنت من نوع «XML»، مصممة بطريقة خاصة، بحيث تستطيع الكومبيوترات أن تقرأها وتعربها وتفرزها إلى مكوناتها الأولية، وتستطيع أن تعرف أن هذا السطر من صفحة الـ «RSS» هو عنوان الموضوع، وذاك السطر هو الوصف، وهذا السطر يدل على الصورة، إلخ. وذلك بصورة آلية تماماً دون أي تدخل بشري في عملية القراءة هذه.
ميزة هذه التقنية التي نجدها كثيراً على صفحات المواقع الإخبارية أنها تتيح لأصحاب مواقع الانترنت أن يعرضوا على صفحات مواقعهم أخباراً من مواقع أخرى؛ فمثلاً يمكن لصاحب الموقع أن يعرض أخباراً لإحدى وكالات الأنباء في موقعه، بحيث تتغير الأخبار المعروضة لديه بمجرد أن تقوم وكالة الأنباء بتغيير ملف الـ «RSS» وذلك من دون أي تدخلٍ من صاحب الموقع.
والـ «RSS» هو اختصار للعبارة «Really Simple Syndication» والتي تعني النشر المتزامن البسيط، وهو وصف معبر تماماً، فالـ «Syndication» هو عملية بيع الصور أو المواد الإخبارية لعدد من وكالات الأنباء، الصحف، المجلات، الإذاعات والتلفزيونات، إلخ ... ليقوموا باستخدامها لصالحهم، وهذا بالضبط ما تفعله الـ «RSS»، رغم أنها تفعل ذلك مجاناً، إلا أن بعض وكالات الأنباء تقوم ببيع محتوى الـ «RSS» خاصتها للغير، بحيث يُدفع لها مبلغ من المال نظير ظهور أخبارها على مواقعهم.

المصدر : http://www.aawsat.com/details.asp?section=13&article=453061&issueno=10633

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق